تحرير الوعي العربي- تحديات الواقع وتضليل الخطاب السياسي.
المؤلف: سلطان السعد القحطاني10.21.2025

إن التأمل في أوضاع العالم العربي خلال العقود الماضية، مع تحليل دقيق لأساليب الخطاب المهيمنة منذ الخمسينيات وحتى الآن، يكشف لنا أن تحرير العقول العربية قد يكون مهمة أشد صعوبة من تحرير الأراضي. فالعقل العربي لا يزال أسيراً لتلك اللحظات التاريخية التي انقضى عليها نصف قرن أو يزيد، وما زال يفكر بالأساليب نفسها، بينما العالم يشهد تحولات جذرية ومتسارعة، إلا أن الفكر العربي ظل حبيساً في الماضي، في لحظات تاريخية لن تعود.
وها هي معازف الهزيمة تعود للصدح في كل منعطف وظرف عصيب. نداءات قديمة متجددة لفتح الحدود، وتحطيم السدود، وتعبئة الجماهير. هذه الأدبيات البالية تعود إلى الساحة. والمثير للقلق هو وجود من يهلل لهذا الخطاب، وهذا هو الخطر بعينه، وكأن ستة عقود من الانكسارات لم تكن كافية لنا لكي نتعلم ونتدبر!
إن الوعي العربي يقف مشلولاً أمام القضية الفلسطينية، هذه القضية التي تفضح كيف أن التعامل معها، على الرغم من عدالة قضيتها، قد أدى إلى تفرقة العرب أكثر مما وحد صفوفهم. هناك من يسعى جاهداً لتحويل الأحلام المجردة إلى حقائق سياسية ملموسة، وكأن العرب يتمتعون برفاهية الاختيار في عالم تحكمه قوانين صارمة، وتشريعات محددة، وخطط كبرى. السياسة هي فن الممكن، وتعبير عن واقع ملموس، لا علاقة لها بالشعارات الرنانة والأماني.
كيف يمكن تحقيق النصر في معركة الوعي؟ إن مكافحة التضليل الإعلامي أمر ضروري، فهي الخطوة الأولى لوقف خداع الرأي العام العربي، الذي لم يعد شارعاً واحداً متماسكاً، بل تحول إلى مجموعة من الأرصفة الصغيرة، المتناثرة، والمحطمة. وبدون تحليل معمق وشامل للخطاب السياسي العربي، لا يمكننا فهم المشكلة أو حتى إدراكها. إنها رحلة ضرورية لحماية جيل كامل من الشباب العربي الذين يستحقون مكاناً مرموقاً في مستقبل مشرق.
وكما تشير مفاهيم الإعلام السياسي، فإن تحليل الخطاب السياسي هو عملية فحص دقيق للغة والأساليب المستخدمة في الخطاب السياسي لفهم الكيفية التي يتم بها استخدام الخطاب لتحقيق غايات معينة، كالتأثير على الرأي العام أو تشكيل الهوية السياسية أو إضفاء الشرعية على السياسات. ومن خلال هذا التدقيق يمكننا الوصول إلى جوهر الخلل، ليس فقط في الرسالة والمرسل، بل وأيضاً في المتلقي.
إن الكلمات وحدها عاجزة عن تغيير الحقائق أو تعديل الزمان والمكان، ولا يمكن لفصيل أن ينتصر بالخطب الحماسية والكلمات البراقة، بل بما تسمح به الظروف، وبالتحالفات الذكية، وبالدبلوماسية الناجعة. حين كان ديغول يتحدث عن فرنسا المحتلة، لم يكن سلاحه الوحيد الإذاعة والخطابات، بل كان لديه حلفاء أقوياء يمكنونه من الاستمرار، وتحقيق النصر، وتغيير الواقع. كما أن فرنسا المحتلة كانت لديها نفس الأحلام، ونفس الرغبة في العودة إلى الحرية والازدهار.
وكان المجتمع الدولي تواقاً إلى استعادة توازن القوى في أوروبا، وكبح جماح التوسع النازي الذي أصبح تهديداً للشرق والغرب. لقد كانت الإرادة الدولية عاملاً حاسماً في التغييرات الجيوسياسية حول العالم، وبدونها تفشل الخطط الصغيرة، وتتحطم الأحلام على صخرة الواقع.
الكثير من المفكرين العرب ينعمون برفاهية التنظير. ما أسهل إطلاق الكلمات والدعوات إلى النضال والتعبئة، طالما أن المتحدث يعيش في منزل دافئ وفي مدينة آمنة. لكن أولئك الذين يتم حشدهم ليسوا أولئك الواقفين في الطابور أمام المخبز، ولا أولئك الذين يبحثون عن الماء، ولا أولئك الأطفال الذين ينتظرون المساعدات المتساقطة من السماء. لقد كانت المدينة تنبض بالحياة قبل ظهور هؤلاء المغامرين. هؤلاء جميعاً كانت لديهم حياة، قبل أن يختطفها أولئك الذين لا يعلمون!
وها هي معازف الهزيمة تعود للصدح في كل منعطف وظرف عصيب. نداءات قديمة متجددة لفتح الحدود، وتحطيم السدود، وتعبئة الجماهير. هذه الأدبيات البالية تعود إلى الساحة. والمثير للقلق هو وجود من يهلل لهذا الخطاب، وهذا هو الخطر بعينه، وكأن ستة عقود من الانكسارات لم تكن كافية لنا لكي نتعلم ونتدبر!
إن الوعي العربي يقف مشلولاً أمام القضية الفلسطينية، هذه القضية التي تفضح كيف أن التعامل معها، على الرغم من عدالة قضيتها، قد أدى إلى تفرقة العرب أكثر مما وحد صفوفهم. هناك من يسعى جاهداً لتحويل الأحلام المجردة إلى حقائق سياسية ملموسة، وكأن العرب يتمتعون برفاهية الاختيار في عالم تحكمه قوانين صارمة، وتشريعات محددة، وخطط كبرى. السياسة هي فن الممكن، وتعبير عن واقع ملموس، لا علاقة لها بالشعارات الرنانة والأماني.
كيف يمكن تحقيق النصر في معركة الوعي؟ إن مكافحة التضليل الإعلامي أمر ضروري، فهي الخطوة الأولى لوقف خداع الرأي العام العربي، الذي لم يعد شارعاً واحداً متماسكاً، بل تحول إلى مجموعة من الأرصفة الصغيرة، المتناثرة، والمحطمة. وبدون تحليل معمق وشامل للخطاب السياسي العربي، لا يمكننا فهم المشكلة أو حتى إدراكها. إنها رحلة ضرورية لحماية جيل كامل من الشباب العربي الذين يستحقون مكاناً مرموقاً في مستقبل مشرق.
وكما تشير مفاهيم الإعلام السياسي، فإن تحليل الخطاب السياسي هو عملية فحص دقيق للغة والأساليب المستخدمة في الخطاب السياسي لفهم الكيفية التي يتم بها استخدام الخطاب لتحقيق غايات معينة، كالتأثير على الرأي العام أو تشكيل الهوية السياسية أو إضفاء الشرعية على السياسات. ومن خلال هذا التدقيق يمكننا الوصول إلى جوهر الخلل، ليس فقط في الرسالة والمرسل، بل وأيضاً في المتلقي.
إن الكلمات وحدها عاجزة عن تغيير الحقائق أو تعديل الزمان والمكان، ولا يمكن لفصيل أن ينتصر بالخطب الحماسية والكلمات البراقة، بل بما تسمح به الظروف، وبالتحالفات الذكية، وبالدبلوماسية الناجعة. حين كان ديغول يتحدث عن فرنسا المحتلة، لم يكن سلاحه الوحيد الإذاعة والخطابات، بل كان لديه حلفاء أقوياء يمكنونه من الاستمرار، وتحقيق النصر، وتغيير الواقع. كما أن فرنسا المحتلة كانت لديها نفس الأحلام، ونفس الرغبة في العودة إلى الحرية والازدهار.
وكان المجتمع الدولي تواقاً إلى استعادة توازن القوى في أوروبا، وكبح جماح التوسع النازي الذي أصبح تهديداً للشرق والغرب. لقد كانت الإرادة الدولية عاملاً حاسماً في التغييرات الجيوسياسية حول العالم، وبدونها تفشل الخطط الصغيرة، وتتحطم الأحلام على صخرة الواقع.
الكثير من المفكرين العرب ينعمون برفاهية التنظير. ما أسهل إطلاق الكلمات والدعوات إلى النضال والتعبئة، طالما أن المتحدث يعيش في منزل دافئ وفي مدينة آمنة. لكن أولئك الذين يتم حشدهم ليسوا أولئك الواقفين في الطابور أمام المخبز، ولا أولئك الذين يبحثون عن الماء، ولا أولئك الأطفال الذين ينتظرون المساعدات المتساقطة من السماء. لقد كانت المدينة تنبض بالحياة قبل ظهور هؤلاء المغامرين. هؤلاء جميعاً كانت لديهم حياة، قبل أن يختطفها أولئك الذين لا يعلمون!
